ماهي أهم المشاريع و التّغييرات التي أنجزها الشّاعر المشهور "لامرتين"؟

لامرتين


مقدّمة :

      كان على لامرتين أن يخطو بضع خطوات إلى الأمام؛ لينس آلامه وبؤسه، فالمجد الذي كثيرًا ما طمح إليه في حياته المضطربة وعزلته الموحشة كان على وشك أن يخيِّم عليه بجناحَيْه الكبيرين؛ ففي الحادي عشر من شهر آذار من العام 1820 ، نشر لامرتين ديوانه الأول محتويًا أربعًا وعشرين قصيدة، ذاعت ذيوعًا عظيمًا، حتى بين الذين لا يأبهون « التأملات » للشعر، فالملك نفسه أثنى عليها ثناءً طيبًا، وراح أقطاب السياسة يقرءونها ويحفظونها عن ظهر قلب.

     وكانت الأميرة ده تالمون قد بعثت بنسخة من "التأملات" إلى الأسقف ده تالليران،أعظم رجال السياسة في ذلك العهد، فقرأها في ليلة واحدة وكتب إليها يقول :"أعيد إليكِ أيتها الأميرة، قبل أن أرقد، الكتابَ الصغير الذي أعرتِنِي إياه أمس، ويكفيكِ أن تعلمي أني لم أَنَم، وأني سهرت إلى الساعة الرابعة من الصباح أقرأ هذا الكتاب وأعُيد قراءته. لستُ نبيٍّا أيتها الأميرة، على أني أؤكد لك أن وراء ذلك الشعور المتدفق من هذه القصائد رجلًا، وسنتحدث عنه بعد."


وقال تيوفيل غوتيه:"إن التأملات الشعرية هي أعظم أثر شعريٍّ ظهر في هذا العصر.إنها لنفس عذب ومحيٍ معًا، لا، بل هي خفقان أجنحة تلامس الأرواح! فالشبان والفتيات والنساء هاموا بلامرتين حتى أوشكوا أن يعبدوه! وحتى أصبح اسم الشاعر منطبعًا على
جميع الشفاه. والباريسيون الذين يميلون إلى الشعر أصبحوا منقادين بفطرة الجمال والإحساس إلى ترديد مقاطع من "البحيرة" في مجالسهم و سهراتهم."





المشاريع الأدبية الكبرى :


     على أن لامرتين لم يرتَحْ إلى الإقامة بنابولي؛ وما هي بضعة أشهر حتى مرض بداء الأعصاب، فطلب مأذونيَّة لم يعيِّن مدتها، وغادر نابولي في العشرين من شهر كانون الثاني 1821 على أن يمكث في روما بضعة أسابيع ثم يوالي سيره إلى فرنسا بعد أن يصرف بضعة أيام في البندقية.
 وإذ هو في الطرق، تفتَّحت روحه لشعاع داخلي، وراح يحلم بقصيدة رحبة واسعة النطاق يضمِّنها الرقي البشري منذ فجر التاريخ.
قال :"أشعر بأني صرتُ شاعرًا كبيرًا، فلقد بدأتُ أحلم بقصيدة رحبة كالطبيعة،مفيدة كالقلب البشري، رفيعة كالسماء، ولم يبقَ عليَّ إلا أن أنتظر ريثما تُفسح لي السماء في نظمها ."
   بقي لامرتين في روما من أواخر كانون الثاني إلى منتصف نيسان، ولقدصرف وقته هذا، تارة في كنيسة القديس بطرس، وطورًا في قصر الدوقة ده ديفونشير، وفي منتصف شهر شباط رُزِق غلامًا سمَّاه ألفونس وعمَّده في كنيسة القديس بطرس بروما … إلا أن الغلام لم يَعِش طويلًا.
وما إن قَدِم الصيف حتى كان لامرتين وزوجته في إكس لوبان، في ذلك الوادي الحبيب
الطافح بتذكارات الشاعر.

 وكانت زوجة لامرتين قد عرفت بذلك الحب العظيم الذي أيقظ جذوة الشاعرية في .« البحيرة » روح زوجها، فشاطرتْهُ حسرتَهُ على تلك المرأة التي أوحت إليه قصيدة وبعد مرور بضعة أشهر على إقامة الشاعر بقصره في ماكون، رُزِق ابنةً جميلة سُمِّيت.« إلفير » جوليا؛ تذكارًا لمدام جوليا شارل أو مضافًا إليها « التأملات » وفي تلك السنة ١٨٢٢ ، أصدر لامرتين الطبعة التاسعة من أربع قصائد جديدة، وباشر إعداد الجزء الثاني من هذا الديوان الشعري. أما الطبعات الثماني من التأملات فقد بيع منها عشرون ألف نسخة.


تعليقات

إرسال تعليق