مذكرات طالب رياضيات (الجزء الثالث)

مذكرات طالب رياضيات (الجزء الثالث)




تجلس السّاعات الطّوال وبيدك أقلام الحبر و الرّصاص و أدوات الهندسة تكتب المعادلات و النظريات و المبرهنات تتعب قليلا لكنّ المشوار طويل و وجبت المواصلة, تلتفت ورائك فترى الطّلاب  كذلك عن يمينك و عن يسارك يسألون السؤال وراء السّؤال و تتحمّل اثر ذلك السّخافة و التّفاهة,لم تعهد من قبل غباء مثل ذلك رغم دراستك للمنطق في هذا العلم,تقلب الصّفحة وراء الصّفحة,تضع أطراف أصابعك على جبينك لانتفاخ رأسك بسيل من المعلومات...

وقفت ذات مرّة في السّاحة الحمراء و سرّحت نضرك في السّماء تكلّلها بغض الغيوم,مللت انتظار قرع أجراس السّنين الموالية أو آذان معلنيها فجلست على أحد المقاعد و نار الشّوق التي ألهبت روحك تنطفئ تدريجيا.
تذكّرت في نهاية الثلاثي قبل أسابيع من الاختبارات مجنونين يدرسان معك أولهما متقدّم في السّن أراد أن يكمل دراسته و بسبب تعرّضه لعديد المشاكل فقد خرج عن عقله و غدا يثير المتاعب و المضايقات في كلّ حصّة,فقد مرّت عليه السّنين الطّويلة و أراد أن يصبح دكتورا أو شيئا من هذا القبيل,لكنّ الإدارة و سوء خدماتها منعاه من ذلك و الآخر لا زال شابا لكنّه ملّ و كلّ سوء التدريس و خشي أن يعيد السّنة مرّة أخرى فغدى يثير المشاكل و  الشغب كلّما سنحت له الفرصة فصرح ذات مرّة بمطالبته من البنك الدّولي للأحلام أن تحسّن من خدماتها فذلك كثير  همّ في المنام و همّ في الواقع ؟؟؟لينفجر الطّلاب بالضّحك و يبتسم الأستاذ قليلا صارخا :"أمتعتك و الباب",هذه اللحظات المجنونة واضحة التّناقض جعلتك تبتسم لسخريّة القدر و شطحاته .

إذن ليضحكوا و لتضحك فالضّحك أصبح المتنفّس الوحيد لك فأنت أبعد ما تكون عن أفخر أنواع الطّعام و أفضل الملابس و أطيب العطور و أحدث السّيارات.

حدّثك واحد من الطّبقة الرّاقية عن البذخ و الرّفاهية الذي يعيش فيهما,كان يخبرك عن السّهر  في الملاهي اللّيلية أين تعلو أصوات الموسيقى الصّاخبة و تمتزج الأضواء و مؤثراتها لتكوّن حفلة من الألوان الفاقعة التي تتراقص مع أنغام الموسيقى شرقا و غربا شمالا و جنوبا و التي يتراقص  على آثرها النّاس فيدخلون في حالة من السُّكر و فقدان الوعي ليحصلوا على اللّذة الرّوحيّة.





لم تعجبك عموما هذه الحكايات العابرة من حياتك فهي أقرب ما يكون السّخافة, أخلاقك ليست من هذا المستوى,لم تعهد هذا التّسيّب و الانحلال,فعدت للواقع,واقع الحياة,واقع التحدّي و المقاومة,واقع التحليل و الاكتشاف أليس هذا هدفك و سرّ إبداعك,ألم يكن 'ستيفين هاوكينغ' مَثلا لك؟لتصبح مثله إذن.





تعليقات

إرسال تعليق